أخر تحديث : الإثنين 3 فبراير 2025 - 5:14 مساءً

سيدي بنور…الشمندر السكري هبة دكالة عبدة

بتاريخ 3 فبراير, 2025
سيدي بنور…الشمندر السكري هبة دكالة عبدة

منظومة إنتاجية متكاملة ساهمت في تطوير الفلاحة والفلاحين

رغم تراجع التساقطات المطرية بسبب موجة الجفاف الذي ضرب المغرب منذ ست سنوات، فزراعة الشمندر السكري لا زالت حاضرة ببادية دكالة وعبدة، تقاوم شح الأمطار وتساهم في تطوير الفلاحة والفلاحين بالمنطقة ذاتها، استنادا إلى حجم المردودية المالية السنوية، إضافة إلى مساهمتها في التخفيف من أعباء الفلاحين من حيث توفير الأعلاف الموجهة لعملية التسمين وإنتاج الحليب.

لم يكن الهدف من زراعة الشمندر بداية سبعينيات القرن الماضي، إنتاج السكر فقط، بل كان الهدف تطوير الصناعات التحويلية وخلق منظومة إنتاجية متكاملة، تعود على الفلاح والمعمل والتاجر والمواطن العادي بالخير المشترك وتساهم في تطوير وتخصيب التربة وتطوير الفلاحة من خلال إدخال طرق جديدة في استغلال الأراضي الصالحة للزراعة.

رفع المساحة الحالية

قررت إدارة “كوسومار” التي تشرف على تدبير موسم الشمندر السكري، رفع المساحة المخصصة لموسم 2024 / 2025، بمنطقة دكالة عبدة. وانطلقت عملية الزرع في ظروف ملائمة، رغم الظروف المناخية الصعبة المرتبطة بتراجع التساقطات المطرية. وأكد مدير معمل السكر، أن المساحة المخصصة للشمندر السكري هذه السنة، ارتفعت إلى 7516 هكتار مقارنة مع الموسم الماضي التي لم تتجاوز 6000 هكتار. وأضاف أن حوالي ألفي فلاح انخرطوا في هذه العملية التي انتهت بنهاية الشهر الماضي، والتي تسهر عليها اللجنة التقنية الجهوية المكونة من المكتب الجهوي للاستثمار الفلاحي لدكالة والسلطات المحلية ومجموعة “كوسومار” وجمعية منتجي الشمندر في دكالة / عبدة.
وتسهر اللجنة المختلطة على تتبع عملية زراعة الشمندر وتشرف على اقتناء المدخلات من بذور وأدوية ومبيدات حشرية وتواكب عملية الحرث والتداوي والقلع والنقل نحو المعمل لضمان منتوج جيد وذي مردودية جيدة. وأضاف المسؤول أن الجميع ينتظر نتائج جيدة تفوق نتائج السنة الماضية، التي حققت متوسط إنتاج بلغ 64 طنا للهكتار.
وأوضح المسؤول ذاته، أن عدة عوامل وتدابير تحفيزية، ساهمت في تحقيق مردودية إيجابية منها على الخصوص، زيادة ملحوظة في الأثمان المدفوعة للفلاحين واستخدام أنظمة سقي فعالة. وستواصل إدارة المعمل بالتنسيق مع اللجنة المختلطة تنفيذ البرنامج المتفق عليه بالوقوف إلى جانب الفلاحين وخلق تحفيزات جديدة للتغلب على الأعباء المطروحة على كاهلهم، سيما في جانب استهلاك الغاز المستعمل في عملية ضخ المياه الجوفية.

قفزة نوعية

أحدثت زراعة الشمندر السكري بمنطقة دكالة عبدة قفزة نوعية، ساهمت في خلق حركية اقتصادية من خلال فرض رواج تجاري استفاد منه الجميع، مسؤولون وفلاحون وسكان المراكز الحضرية والقروية التابعة لسيدي بنور وأسفي والجديدة.
وساهمت زراعة الشمندر السكري من جهة أخرى في تحسين الدخل الفردي للفلاح بمنطقة دكالة عبدة، ووفرت الأعلاف والكلأ للحيوانات، كما وفرت العديد من الامتيازات من أهمها إصلاح الطرق وتمويل المشاريع الصغرى وتحسين التمدرس لأبناء الفلاحين المنتجين، وتنشيط قطاع زراعة منتجات الألبان كالأعلاف والأوراق العلفية .
وفتح قطاع زراعة الشمندر السكري الباب واسعا أمام الفلاحين للاستفادة من التكوين والتأطير وتحسين ظروف عيشهم، حيث تمكنوا من تطوير مقرات سكنهم والاستثمار في تربية المواشي. واعتبر عبد القادر قنديل رئيس جمعية منتجي الشمندر، قطاع الشمندر السكري بدكالة وعبدة قطاعا منتجا وهو من أنشط القطاعات الفلاحية، إذ ظل لعدة سنوات، يساهم بنسبة تقدر بحوالي 40 % من الإنتاج الوطني من الشمندر السكري وقيمة إنتاج أولية وثانوية تزيد عن 900 مليون درهم، وأكثر من مليون ونصف يوم عمل في السنة .
وأضاف قنديل، أنه رغم تراجع التساقطات المطرية نتيجة توالي سنوات الجفاف، وتراجع حقينة المركب المائي الحنصالي المسيرة، فإن اللجنة الإقليمية للفلاحة بتنسيق مع إدارة معمل السكر، ظلت حريصة على تخصيص مساحة لزراعة الشمندر معتمدة على مياه الآبار، وساهمت في تقديم الدعم المادي واللوجستيكي للفلاحين لمساعدتهم على التغلب على المشاكل المرتبطة باستهلاك الغاز وتكاليف ضخ المياه الجوفية.

مواجهة نقص المياه

يواجه المغرب صعوبات جمة ترتبط بتغييرات المناخ التي نتج عنها تراجع التساقطات المطرية مما أدى إلى إجهاد مائي، قلص بصفة مباشرة من المساحة المخصصة لزراعة الشمندر بمنطقة دكالة عبدة، من 22 ألف هكتار إلى أقل من 10 آلاف هكتار حاليا. ودفع ذلك مجموعة “كوسومار”، إلى البحث عن سبل جديدة كفيلة بالتغلب على هذه الإكراهات منها الاعتماد على مياه الآبار، وخصصت مبالغ مهمة لتشجيع الفلاحين على الاستثمار فيها، لكنها ووجهت بنضوب الفرشة المائية في العديد من الجماعات المنتجة للشمندر.
وأكد المدير الجهوي للفلاحة، احيسن رحاوي، أن الدولة، شرعت منذ السنة الماضية في البحث عن سبل بديلة ولجأت إلى تحلية المياه لتعزيز قدرة القطاع الفلاحي على الصمود في مواجهة التحديات المائية. وأضاف أن ذلك يرمي إلى تعزيز التنمية المستدامة، وتقوية القدرة التنافسية لهذا القطاع الاستراتيجي في منطقة دكالة عبدة، التي تساهم بشكل كبير في الإنتاج الوطني لمادة السكر. وأشار إلى أن مجموعة “كوسومار” والوزارة، ستواصلان دعم الفلاحين الشركاء من خلال التحسين المستمر للقدرة التنافسية وربحية المحاصيل.
وأشار إلى أن الحكومة قررت إحداث وحدة جديدة لتحلية مياه البحر بمنطقة الوليدية لتمكين منطقة الغربية والزمامرة وجزء كبير من عبدة لمواصلة زرع الشمندر السكري والاستفادة من هذه المياه المحلاة في عملية السقي.

مجهودات جبارة

تقوم الحكومة ومعها وزارة الفلاحة بمجهودات جبارة في سبيل الإبقاء على زراعة الشمندر السكري، إذ انطلاقا من أهمية زراعتها ودورها الفعال في مساعدة الفلاحين، قررت مجموعة “كوسومار” خلال الموسم السكري الجديد، الرفع من المساحة المخصصة لهذه الزراعة على مستوى الأحواض التي تشرف على تدبيرها، ووضعت برنامجا طموحا يغطي 45000 هكتار، مقابل 23000 هكتار في السنة الماضية.
وتتطلع المجموعة حسب بلاغ لها، تم تعميمه على وسائل الإعلام، أنها تتطلع خلال الموسم الفلاحي الجاري، إلى زيادة مهمة في المساحة المخصصة لزراعة الشمندر السكري، رغم الإكراهات المناخية المتسمة بقلة التساقطات المطرية خاصة في دكالة عبدة وتادلا والتي تؤثر سلبا على زراعة النباتات السكرية.
وأوضح البلاغ، الذي تتوفر الصباح على نسخة منه، أن المساحة المخصصة للشمندر السكري، تتوزع على 10000 هكتار في دكالة عبدة، و10000 هكتار في تادلة، و6000 هكتار في الجهة الشرقية، و13000 هكتار في الغرب، و6000 هكتار في اللوكوس، مشيرا إلى أن المجموعة تطمح لاستغلال 5000 هكتار من قصب السكر موزعة على منطقتي الغرب واللوكوس.
وأضاف البلاغ نفسه، أن المساعدة المالية، التي خصصتها الدولة هذا الموسم، لدعم أسعار بيع النباتات السكرية (80 درهما للطن بالنسبة للشمندر السكري و70 درهما لقصب السكر)، ستساهم في خفض التكاليف بشكل كبير، وستمكن الفلاحين من استيعاب تكاليف الإنتاج بشكل أفضل والرفع من دخلهم السنوي. وستساهم أيضا من رفع مردودية قطاع السكر وقدرته التنافسية من أجل زيادة المساهمة في السيادة الغذائية للبلاد، مع المساهمة في تنمية المناطق الفلاحية.

آفاق مستقبلية

انطلاقا من وعي كل المتدخلين في زراعة الشمندر من حكومة وإدارة “كوسومار” وجمعية منتجي الشمندر وفلاحين، فقد استجاب رئيس الحكومة لمطالب مهنيي القطاع خلال اجتماع الخميس 10 أكتوبر الماضي، الذي عقده مع الكونفدرالية المغربية للفلاحة والتنمية القروية ومهنيي القطاع الفلاحي.
وتم خلال الاجتماع ذاته، الاتفاق على السماح بإطلاق المياه من السدود طوال السنة الفلاحية في مناطق الغرب وملوية واللوكوس، فضلا عن تخصيص حصة لبداية موسم الزرع على مستوى حوض تادلة، مع التشديد على أن مشاريع تحلية مياه البحر الجديدة، التي أعطت الدولة انطلاقتها، خاصة محطة الدار البيضاء بالمهارزة الساحل، ستمكن من سقي مساحة مهمة بمنطقة دكالة.
وأوضح المدير الجهوي للفلاحة، أن مشروع نقل المياه من حوض سبو إلى حوض أبي رقراق، الذي رأى النور خلال السنة الماضية، سيساهم أيضا في عملية تدبير الموارد المائية خصوصا في منطقتي تادلة ودكالة، حيث ستمكن من الحفاظ على المساحات المخصصة لزراعة النباتات السكرية وتطويرها وفقا لأهداف عقد البرنامج 2021-2030 الموقع بين الدولة والفيدرالية البيمهنية المغربية للسكر.
وانطلاقا من دورها الرئيسي في السهر على زراعة الشمندر السكري، عملت مجموعة “كوسومار” على تأمين إمدادات البذور والأسمدة وجميع المدخلات الفلاحية بمبلغ يتجاوز 500 مليون درهم، وتسمح مبالغ الدعم المقدمة لأسعار الأسمدة التي توفرها الحكومة للفلاحين بتخفيض تكاليف الإنتاج بشكل مهم.
وتهدف إدارة “كوسومار” إلى تحقيق الأهداف الكبرى والطموحة، التي تصبو إلى تعزيز الإنتاج الوطني من السكر وضمان السيادة الغذائية للمملكة، رغم الإكراهات الكثيرة التي فرضتها التغييرات المناخية، والتي ساهمت في تقليص مياه الري.